الولاية الدستورية بين مؤسسة الديوان الملكي وبين الحكومة منتدى ديرتنا - محمد الصبيحي
الولاية الدستورية بين مؤسسة الديوان وبين الحكومة
أستئثار أعلام الديوان بترتيبات زيارة البابا تعد على أختصاص الحكومة
اما أن نكون دولة دستور وقانون ومؤسسات واما أن يستأثر كل طرف بما يستطيع الوصول اليه من صلاحيات .
هذه قاعدة يفترض أنها ثابتة وتحكم عمل كل مؤسسات الدولة , وحين تختل هذه القاعدة سوف يختل التوازن الاداري في الدولة .
ما زلنا نتذكر الصراعات السابقة لرجال الدولة على الصلاحيات وأحاديث تغول مؤسسة الديوان على صلاحيات حكومة سابقة وامساكها بملفات من أختصاص الحكومة حتى وصل الامر أن نسمع أعضاء في مجلس النواب يتحدثون بصوت مرتفع تحت القبة عن حكومتين في البلد , وكانوا على صواب فيما قالوه , وكان سبب ذلك الصراع عدم وقوف طرف ما عند حدود الاختصاص الدستوري , وأهمال الطرف الاخر في تولي مسؤوليته الدستورية وولايته العامة على شؤون الدولة – وأقصد الحكومة - .
ان دستور المملكة واضح في تحديد الصلاحيات وبالذات المادة 26 التي نصها ( تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور ) , ولكن هناك دائما من الموظفين من يطمح الى صلاحيات أوسع من حدوده الوظيفية فتراه يتولى مسؤوليات تنفيذية ليست من أختصاصه ولايملك تفويضا خطيا بتوليها .
ومن جانب أخر فانه لاتوجد مؤسسة تقوم بعملها بدون هيكل تنظيمي ونظام يحدد أسس تنظيمها وأختصاصاتها , وهذا شأن كل مؤسسات الدولة , وحتى عندما تشكل حكومة جديدة تشتمل على وزارة جديدة فالمفروض أن تصدر الحكومة نظاما يسمى ( نظام تنظيم وزارة ..... ) يحدد المهام والهيكل الاداري للوزارة الجديدة , ومن هنا يفترض أن كل من يتصدى لمسؤولية تنفيذية وأدارية أن يعود الى نظام مؤسسته ويعمل بمقتضاه ولا يتعداه الى غيره , واذا لم يكن لمؤسسته نظام صادر بموجب القانون أو الدستور فان مسؤوليته تصبح أستشارية لا تنفيذية ولا أدارية .
كنت يوم أمس مع بعض الاصدقاء متسائلا عما يمكن أن تفعله الحكومة في ترتيبات زيارة البابا بنديكتس السادس عشر أو على الاقل مالذي يفعله معالي وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ما دامت دائرة الاعلام في الديوان الملكي فرضت سلطتها التنفيذية على الترتيبات الاعلامية للزيارة , وأصبح لزاما على الكتاب والصحفيين أدارة ظهرهم لصلاحيات الحكومة ووزير الاتصال والاعلام والذهاب مباشرة الى أعلام الديوان للحصول على أذن التغطية الاعلامية , حسب ما أعلن في الصحف المحلية .
ان معنى ذلك أن يصبح وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال – مع محبتي وتقديري لشخصه – شاهد ( ما شافش حاجة ) وربما لن يحصل على كشف بأسماء الصحفيين والكتاب المأذونين من رئيس أعلام الديوان للمشاركة في التغطية , بل قد يحتاج الوزير نفسه الى ( باج ) من أعلام الديوان للمشاركة في فعاليات الزيارة , ولا تستغربوا ان حصل ذلك .
أتوقع جواب أعلام الديوان على ما ذكرته مسبقا – هذا ان كان هناك من سيجيب - اذ سيأتي من يقول أن المسألة بروتوكولية تنظيمية ولا علاقة لها بالصلاحيات , ولكن الجواب أن ذهاب الصحفيين الى أعلام الديوان الملكي للحصول على التصاريح أجراء تنفيذي وليس بروتوكولي , وصحيح أن مؤسسة الديوان معنية بالترتيبات البروتوكولية وخاصة الاعلامية منها غير أن من يفترض به أن يقوم بالمهمة رئاسة الحكومة بأشراف وزير الدولة للأعلام والاتصال بالتنسيق مع أعلام الديوان الذي قد ينتدب موظفا أو أكثر الى مكتب الوزير , وتقدم كل الطلبات الى الوزير ويختص معاليه بكل الترتيبات الاعلامية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والداخلية والديوان , هذا هو الاساس الصحيح للصلاحيات في تقديري .
ان قضية تولي أعلام الديوان مسؤوليات تنفيذية من أختصاص الحكومة في مناسبة زيارة البابا تبدو مسألة بسيطة وعابرة لاتحتاج الى كل التساؤلات التي يتهامس بها الاعلاميون الان , ربما يكون ذلك صحيحا , ولكنها أيضا ستصبح مؤشرا على العودة الى تنازع الصلاحيات الذي سبق أيام حكومة سابقة , وهذا ما لايريده كل من يحرص على المصلحة العامة .
وأخيرا ومع أحترامي لكل الزملاء العاملين في أعلام الديوان أقول أن التعامل مع الواقع الاعلامي الاردني ينبغي أن يكون مؤسسيا وضمن الصلاحيات بعيدا عن الوشوشات الاعلامية الموجهة فكلنا في خدمة الوطن .